عرفنا أن الملأ هم القوم الذين يتصدرون المجالس، ويملأونها أو الذين يملأون العيون هيبة، والقلوب مهابة وهم هنا المقربون من فرعون. وكأنهم يملكون فكرة وعلما عن السحر. وفي سورة الشعراء جاء القول الحق:{قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}[الشعراء: ٣٤]
إذن فهذه رواية جاءت بالقول من الملأ، والآية الأخرى جاءت بالقول على لسان فرعون، وليس في هذا أدنى تناقض، ومن الجائز أن يقول فرعون: إنه ساحر، وأيضاً أن يقول الملأ: إنه ساحر. وتتوارد الخواطر في أمر معلوم متفق عليه. وقد حدث مثل هذا في القرآن حينما نزلت آيات في خلق الإِِنسان وتطوره بأن كان علقة فمضغة إلخ فقال كاتب الوحي بصوت مسموع:{ ... فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين}[المؤمنون: ١٤]
عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قال عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: وافقت ربي في أربع: نزلت هذه الآية: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ} الآية قلت أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت: {فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين} .