وهكذا انتبهوا إلى شخصية يوسف وتعرَّفوا عليه، وقالوا:
{أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ ... }[يوسف: ٩٠] .
وجاء قولهم بأسلوب الاستفهام التقريريّ الذي أكّدوه ب «إنْ» و «اللام» ، وقد قالوا ذلك بلهجة مُمتلئة بالفرح والتعجُّب بنجاحهم في التحسُّس الذي أوصاهم به أبوهم.
فرد عليهم:
{أَنَاْ يُوسُفُ وهذا أَخِي}[يوسف: ٩٠] .
وبطبيعة الحال هم يعرفون أخَ يوسف «بنيامين» ، وجاء ذكْر يوسف له هنا دليلاً على أن بنيامين قد دخل معه في النعمة، وأن الحق سبحانه قد أعزَّ الاثنين.
ويجيء شُكْر يوسف لله على نعمته في قوله:
{قَدْ مَنَّ الله عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين}[يوسف: ٩٠] .
وجاء يوسف بهذا القول الذي يعرض القضية العامة التي تنفعهم كإخوة له، وتنفع أيَّ سامع لها وكل مَنْ يتلوها، وقد قالها يوسف عليه السلام بعد بيِّنة من واقع أحداث مرَّتْ به بَدْءً من الرُّؤيا إلى هذا الموقف.
فهو كلام عليه دليل من واقع مُعَاش، فقد مَنَّ الله على يوسف وأخيه مما ابْتُلِيا به واجتمعا من بعد الفُرْقة، وعَلَّل يوسف ذلك بالقول:
{إِنَّهُ مَن يَتَّقِ}[يوسف: ٩٠] .
أي: مَنْ يجعل بينه وبين معصية الله وقاية، ويخشى صفات