بعد أن ذَكَّرهم الله سبحانه وتعالى بكفرهم بعبادتهم للعجل. . وكان هذا نوعا من التأنيب الشديد والتذكير بالكفر. . أراد أن يؤنبهم مرة أخرى وأن يُذَكِّرَهُم أنهم آمنوا خوفا من وقوع جبل الطور عليهم. . ولم يكن الجبل سيقع عليهم. . لأن الله لا يقهر أحدا على الإيمان. . ولكنهم بمجرد أن رأوا جبل الطور فوقهم آمنوا. . مثلهم كالطفل الذي وصف له الطبيب دواء مرا ليشفى. ولذلك فإن رَفْعَ الله سبحانه وتعالى لجبل الطور فوقهم ليأخذوا الميثاق والمنهج. . لا يقال إنه فعل ذلك إرغاما لكي يؤمنوا. . إنه إرغام المحب. . يريد الله من خلقه ألا يعيشوا بلا منهج سماوي فرفع فوقهم جبل الطور إظهارا لقوته وقدرته تبارك وتعالى حتى إذا استشعروا هذه القوة الهائلة وما يمكن أن تفعله لهم وبهم آمنوا. . فكأنهم حين أحسوا بقدرة الله آمنوا. . تماما كالطفل الصغير يفتح فمه لتناول الدواء المر وهو كاره. . ولكن هل أعطيته الدواء كرها فيه أو أعطيته له قمة في الحب والإشفاق عليه؟
الله سبحانه وتعالى يريد أن يلفتهم إلى أنه لم يترك حيلة من الحيل حتى يتلقى بنو إسرائيل منهج الله الصحيح. . نقول إنه لم يترك حيلة إلا فعلها. . لكن غريزة الاستكبار والعناد منعتهم أن يستمروا على الإيمان. . تماما كما يقال للأب إن الدواء مر لم يحقق الشفاء وطفلك مريض. . فيقول وماذا افعل أكثر من ذلك أرغمته على شرب الدواء المر ولكنه لم يشف.
وقول الله تعالى:«ميثاقكم» . هل الميثاق منهم أو هو ميثاق الله؟ . طبعا هو ميثاق الله. . ولكن الله جل جلاله خاطبهم بقوله:«ميثاقكم» لأنهم أصبحوا طرفا في العقد. . وماداموا قد أصبحوا طرفا أصبح ميثاقهم. . ولابد أن نؤمن أن رفع