جبل الطور فوق اليهود لم يكن لإجبارهم لأخذ الميثاق منهم حتى لا يقال أنهم أجبروا على ذلك. . هم اتبعوا موسى قبل أن يرفع فوقهم جبل الطور. . فلابد أنهم أخذوا منهجه باختيارهم وطبقوه باختيارهم لأن الله سبحانه وتعالى لم يبق الطور مرفوعا فوق رءوسهم أينما كانوا طوال حياتهم حتى يقال أنهم أجبروا. . فلو أنهم أجبروا لحظة وجود جبل الطور فوقهم. . فإنهم بعد أن انتهت هذه المعجزة لم يكن هناك ما يجبرهم على تطبيق المنهج. . ولكن المسألة أن الله تبارك وتعالى. . حينما يرى من عباده مخالفة فإنه قد يخيفهم. . وقد يأخذهم بالعذاب الأصغر علهم يعودون إلى إيمانهم. . وهذا يأتي من حب الله لعباده لأنه يريدهم مؤمنين. .
ولكن اليهود قوم ماديون لا يؤمنون إلا بالمادة والله تبارك وتعالى أراد أن يريهم آية مادية على قلوبهم تخشع وتعود إلى ذكر الله.
. وليس في هذا إجبار لأنه كما قلنا إنه عندما انتهت المعجزة كان يمكنهم أن يعودوا إلى المعصية. . ولكنها آية تدفع إلى الإيمان. . وقوله تعالى:{خُذُواْ مَآ ءاتيناكم بِقُوَّةٍ} لأن ما يؤخذ بقوة يعطى بقوة. . والأخذ بقوة يدل على عشق الآخذ للمأخوذ. . وما دام المؤمن يعشق المنهج فإنه سيؤدي مطلوباته بقوة. . فالإنسان دائما عندما يأخذ شيئا لا يحبه فإنه يأخذه بفتور وتهاون.
قوله تعالى:{واسمعوا قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} . . القول هو عمل اللسان والفعل للجوارح كلها ما عدا اللسان. . هناك قول وفعل وعمل. . القول أن تنطق بلسانك والفعل أن تقوم جوارحك بالتنفيذ. . والعمل أن يطابق القول الفعل. . هم:{قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} هم سمعوا ما قاله لهم الله سبحانه وتعالى وعصوه. . ولكن (عصينا) على أي شيء معطوفة؟ . . إنها ليست معطوفة على «سمعنا» . . ولكنها معطوفة على (قالوا) . . قالوا سمعنا في القول وفي الفعل عصينا. . وليس معنى ذلك أنهم قالوا بلسانهم عصينا في الفعل. . فالمشكلة جاءت من عطف عصينا على سمعنا. . فتحسب أنهم قالوا الكلمتين. . لا. . هم قالوا سمعنا ولكنهم لم ينفذوا فلم يفعلوا. والله سبحانه وتعالى يريدهم أن يسمعوا سماع طاعة لا سماع تجرد أي مجرد سماع. . ولكنهم سمعوا ولم يفعلوا شيئا فكأن عدم فعلهم معصية.
قوله تعالى:{وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ العجل} . الحق تبارك وتعالى يريد أن يصور لنا ماديتهم. . فالحب أمر معنوي وليس أمراً ماديّاً لأنه غير محسوس. . وكان التعبير