وكأن الحق - تبارك وتعالى - يريد أنْ يعطينا خريطة تفصيلية للمكان، فهناك مَنْ قال: من جانب الطور، والجانب الأيمن من الطور. وهنا:{مِن شَاطِىءِ الوادي الأيمن فِي البقعة المباركة مِنَ الشجرة ... }[القصص: ٣٠] .
ومضمون النداء:{ياموسى إني أَنَا الله رَبُّ العالمين}[القصص: ٣٠] سمع موسى هذا النداء يأتيه من كل نواحيه، وينساب في كل اتجاه؛ لأن الله تعالى لا تحيزه جهة؛ لذلك لا تقُلْ: من أين يأتي الصوت؟ وليس له إِلْفٌ بأن يخاطبه الرب - تبارك وتعالى.
ومع النداء يرى النار تشتعل في فرع من الشجرة، النار تزداد اشتعالاً، والشجرة تزداد خضرة، فلا النار تحرق الشجرة بحرارتها، ولا الشجرة تُطفيء النار برطوبتها. فهي - إذن - مسألة عجيبة يحَارُ فيها الفكر، فهل يستقبل كُلَّ هذه العجائب بسهولة أم لا بُدَّ له من مراجعة؟
ثم يقول الحق سبحانه:{وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ... } .