صحيح أن الله تعالى قال لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ٧٣] لكن لا يعني هذا أن يهلك رسول الله نفسه في دعوتهم، ويألم أشد الألم لعدم إيمانهم؛ لأن مهمة الرسول البلاغ، وقد أسف رسول الله لحال قومه حتى خاطبه ربه بقوله:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً}[الكهف: ٦] .
وما أمره الله بجهاد الكفار والمنافقين إلا ليحفزه، فلا يترك جُهْداً إلا بذله معهم، وإلاّ فأنت عندي مُبشِّر ومُنذِر {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً}[الفرقان: ٥٦] أي: بالخير قبل أوانه ليتلفت الناس إلى وسائله {وَنَذِيراً}[الفرقان: ٥٦] أي: بالشر قبل أوانه ليحذره الناس، ويجتنبوا أسبابه ووسائله.