بعد أن ذَكَّرَ الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل بالعهود التي قطعوها على أنفسهم سواء بعدم التبديل والتغيير في التوراة. لإخفاء أشياء وإضافة أشياء. وذكرهم بعهدهم بالنسبة للإيمان برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الذي ذكر الله سبحانه وتعالى أوصافه في التوراة. حتى أن الحَبْر اليهودي ابن سلام كان يقول لقومه في المدينة: لقد عرفته حين رأيته كمعرفتي لابني ومعرفتي لمحمد أشد. أي أنه كان يُذَكِّرُ قومه. أن أوصاف الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الموجودة في التوراة. لا تجعلهم يخطئونه. قال الحق تبارك وتعالى:{وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ} . لأن القرآن مصدق للتوراة. والقصد هنا التوراة الحقيقية قبل أن يحرفوها. فالقرآن ليس موافقا لما معهم من المحرف أو المبدل من التوراة. بل هو موافق للتوراة التي لا زيف فيها.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى:{وَلاَ تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} . . ولقد قلنا أن اليهود لم يكونوا أول كافر بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وإنما كانت قريش قد كفرت به في مكة. المقصود في هذه الآية الكريمة أول كافر به من أهل الكتاب. لماذا؟ لأن قريشا لا صلة لها بمنهج السماء. ولا هي تعرف شيئا عن الكتب السابقة. ولكن أحبار اليهود كانوا يعرفون صدق الرسالة. وكانوا يستفتحون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أهل المدينة ويقولون:«جاء زمن رسول سنؤمن به ونقتلكم قتل عاد وإرم» . ولما جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بدلا من أن يسارعوا بالإيمان به. كانوا أول كافر به.
والله سبحانه وتعالى لم يفاجئ أهل الكتاب بمجيء محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وإنما نبههم إلى ذلك في التوراة والإنجيل. ولذلك كان يجب أن يكونوا أول المؤمنين وليس أول الكافرين. لأن الذي جاء يعرفونه. .