قوله تعالى:(أولئك) اشارة الى الذين تنطبق عليهم كل الصفات التي يبينها الله سبحانه وتعالى في الآيتين السابقتين. . فأولئك الذين تنطبق عليهم هذه الصفات وصلوا الى الهدى أي الى الطريق الموصل للإيمان. . ووصلوا إلى الفلاح، وهو الهدف من الإيمان. .
وقوله تعالى:{أولئك على هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وأولئك هُمُ المفلحون} تشمل الجميع. .
ولكن لماذا استخدم الله تبارك وتعالى {أولئك} مرتين؟ تلك من بلاغة القرآن الكريم، ولماذا دمج الخبرين بعضهما مع بعض؟ حتى نعرف أنه ليس في الاسلام إيمانان بل إيمان واحد يترتب عليه جزاء واحد. . وسيلته الهدى، وغايته الفلاح. . ولو نظر الى التكليفات التي هي الهدى الموصلة الى الغاية نجد أن الله سبحانه وتعالى رفع المهتدي على الهدى. . لنعرف أن الهدى لم يأت ليقيد حركتك في الحياة ويستذلك، وانما جاء ليرفعك. .
إن السطحيّين يعتقدون أن الهدى يقيد حركة الانسان في الحياة ويمنعه من تحقيق شهواته العاجلة. . ولكن الهدى في الحقيقة يرفع الانسان ويحفظه من الضرر، ومن غضب الله، ومن افساد المجتمع الذي سيكون هو أول من يعاني منه. . لذلك قال تبارك وتعالى:{على هُدًى} . .
و (على) تفيد الاستعلاء. فاذا قلت أنت على الجواد فإنك تعلوه. . كأن المهتدى حين يلزم نفسه بالمنهج لا يذل. . ولكنه يرتفع الى الهدى ويصبح الهدى يأخذه من خير الى خير. . وذلك بعكس الضلالة التي تأخذ الانسان الى أسفل. .