هذه صور من صور نفاق اليهود. والناس مقسمون إلى ثلاث: مؤمنون وكافرون ومنافقون. . المؤمن انسجم مع نفسه ومع الكون الذي يعيش فيه. . والكافر انسجم مع نفسه ولم ينسجم مع الكون، والكون يلعنه. . والمنافق لا انسجم مع نفسه ولا انسجم مع الكون، والآية تعطينا صورة من صور النفاق وكيف لا ينسجم المنافق مع نفسه ولا مع الكون. . فهو يقول ما لا يؤمن به. . وفي داخل نفسه يؤمن بما لا يقول. والكون كله يلعنه، وفي الآخرة هو في الدرك الأسفل من النار. وهذه الآية تتشابه مع آية تحدثنا عنها في أول هذه السورة. . وهي قوله تعالى:{وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة: ١٤]
في الآية الأولى كان الدور لليهود، وكان هناك منافقون من غير اليهود وشياطينهم من اليهود. . وهنا الدور من اليهود والمنافقين من اليهود. الحق سبحانه وتعالى يقول:{وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا} وهل الإيمان كلام؟ . . الإيمان يقين في القلب وليس كلاما باللسان. . والاستدلال على الإيمان بالسلوك فلا يوجد إنسان يسلك سبيل المؤمنين نفاقا أو رياء. . يقول آمنت نفاقا ولكن سلوكه لا يكون سلوك المؤمن. . ولذلك كان سلوكهم هو الذي يفضحهم. يقول تعالى:{وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ قالوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ الله عَلَيْكُمْ} . .