كنا ننتظر أنْ يُخبرنا السياق بما سيقع على المشركين من العذاب، لكن تأتي الآية {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ... }[القصص: ٦٨] وكأن الحق سبحانه يقول: أنا الذي أعرف أين المصلحة، وأعرف كيف أُريحكم من شرِّهم، فدعوني أخلق ما أشاء، وأختار ما أشاء، فأنا الرب المتعهد للمربي بالتربية التي تُوصله إلى المهمة منه.
والمربِّي قسمان: إما مؤمن وإما كافر، ولا بُدَّ أنْ يشقى المؤمن بفعل الكافر، وأنْ يمتد هذا الشقاء إنْ بقي الكافر على كفره؛ لذلك شَرعتُ له التوبة، وقَبِلْتُ منه الرجوع، وهذا أول ما يريح المؤمنين.
ومعنى:{مَا كَانَ لَهُمُ الخيرة ... }[القصص: ٦٨] يعني: لا خيارَ لكم، فدعوني لأختار لكم، ثم نفِّذوا ما أختاره أنا.
أو: أن هذه الآية {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ ... }[القصص: ٦٨] قيلت للردِّ على قولهم: {لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ}[الزخرف: ٣١] . يقصدون الوليد بن المغيرة أو عروة بن مسعود الثقفي، فردَّ الله عليهم:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحياة الدنيا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ... }[الزخرف: ٣٢] .
فكيف يطمعون في أنْ يختاروا هم وسائل الرحمة، ونحن الذين