للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتتجلى في هذه الآية رحمة الله بالمحبوب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فلم يُرِدْ سبحانه وتعالى أن يصدم رسوله بمسألة المخالفة هذه، بل أعطاه ما أراد، وأجابه إلى ما طَلب من مسألة أهل الكهف، ثم في النهاية ذكَّره بهذه المخالفة في أسلوب وَعْظ رقيق: {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله. .} [الكهف: ٢٣ - ٢٤]

وقد سبق أنْ ذكرنا أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما سأله القوم عن هذه القصة قال: سأجيبكم غداً ولم يَقُلْ: إن شاء الله. فلم يعاجله الله تعالى بالعتاب، بل قضى له حاجته، ثم لفتَ نظره إلى أمر هذه المخالفة، وهذا من رحمة الله برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

كما خاطبه بقوله: {عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ. .} [التوبة: ٤٣]

فقدَّم العفو أولاً وقرَّره؛ لأن هذه المسألة منتهية ومعلومة للرسول، ثم عاتبه بعد ذلك. كما لو طلب منك شخص عَوْناً أو مساعدة، وقد سبق أنْ أساء إليك، فمن اللياقة أَلاَّ تَصدِمه بأمر الإساءة، وتُذكّره به أولاً، بل اقْضِ له حاجته، ثم ذكّره بما فعل.

والحق سبحانه يقول: {إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله واذكر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ. .} .

<<  <  ج: ص:  >  >>