للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله تعالى يريد أن يعطي الإنسان صورة عن نفسه؛ لتكون عنده المناعة الكافية إذا ما أصابه المرض، كما يعطي الطبيب جَرْعة الطُّعْم أو التحصين الذي يمنع حدوث مرض ما. فهاهي طبيعة الإنسان وسِمَتُه الغالية، وعليه أنْ يُخفِّف من هذه الطبيعة، والمراد أن الإنسان إذا أنعم الله عليه استغنى وأعرضَ.

ولكي نُوَضِّح هذه المسألة نُمثِّل لها ولله المثل الأعلى الوالد الذي يعطي للابن مصروفه كل شهر مثلاً، فترى الولد لا يلتفت إلى أبيه إلا أول كل شهر، حيث يأتي موعد ما تعوَّد عليه من مصروف، وتراه طوال الشهر منصرفاً عن أبيه لا يكاد يتذكره، أما إذا عوَّده على أنْ يُعطيه مصروفه كل يوم، فترى الولد في الصباح يتعرَّض لأبيه ويُظهِر نفسه أمامه ليُذكِّره بالمعلوم. فالولد حين أعرض عن أبيه وانصرف عنه، ما الذي دعاه إلى هذا التصرف؟

لأن الوالد أعطاه طاقة الاستغناء عنه طوال الشهر، فإنْ كان الابن بارّاً مؤمناً فإنه لا ينسى فَضْل والده الذي وَفَّر له طاقة الاستغناء هذه، فيُذكِر والده بالخير، ويحمل له هذا الجميل.

فإنْ كان هذا هو الحال مع الرب الأدنى فهو كذلك مع الربِّ الأعلى سبحانه، فيقول تعالى: {وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان أَعْرَضَ. .} [الإسراء: ٨٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>