والآية تبدأ بالتعجيب، ذلك أنه بعد إيضاح لون الجزاء على القتال في سبيل الله كان لا بد أن يصير هذا القتال متسقاً مع الفطرة الإنسانية، ونحن نقول في حياتنا العادية: وما لك لا تفعل كذا؟ كأننا نتساءل عن سبب التوقف عن فعل يوحي به الطبع، والعقل. فإن لم يفعله الإنسان صار عدم الفعل مستغرباً وعجيباً. فالقتال في سبيل الله بعد أن أوضح الله أنه يعطي نتائج رائعة، فالذي لا يفعله يصبح مثاراً للتعجب منه، ولذلك يقول الحق:{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله} أي لإعلاء كلمة الله، ومرة يأتي القتال وذلك بأن يقف الإنسان المؤمن بجانب المستضعف الذي أوذي بسبب دينه. ويكون ذلك أيضا لإعلاء كلمة الله.
يقول سبحانه:{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله والمستضعفين} أي أن القتال يكون في سبيل الله وفي خلاص المستضعفين، وفي ذلك استثارة للهمم الإنسانية حتى يقف المقاتل في سبيل رفع العذاب عن المستضعفين، بل إننا نقاتل ولو من باب الإنسانية لأجل الناس المستضعفين في سبيل تخليصهم من العذاب؛ لأنهم ما داموا صابرين على الإيمان مع هذا العذاب، فهذا دليل على قوة الإيمان، وهم أولى أن ندافع عنهم ونخلصهم من العذاب.
ويعطينا سبحانه ذلك في أسلوب تعجب:{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله والمستضعفين} فكأن منطق العقل والعاطفة والدين يحكم أن نقاتل، فإذا لم نقاتل، فهذه المسألة تحتاج إلى بحث.