{ذلك} إشارة لما سبق من الأحداث، في شأن امرأة عمران، ومريم، وزكريا، ويحيى، وعيسى، وكان لكل واحد من هؤلاء قضية عجيبة يخرق فيها ناموس الكون، وكلها آيات، أي عجائب. وقد نقلت إلينا هذه العجائب من واقع ما رآه الذين عاصروا تلك الأحداث، وجاء الخبر اليقين بتلك العجائب في قرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الكتاب الحق الموصوف من الله بأنه {الذكر الحكيم} فاطمئنوا - أيها المؤمنين - إلى أن ما وصلكم عن طريق القرآن، إنما حكى واقعا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فما جاء به من أخبار عن تلك الآيات هو ما يطابق الواقع الذي عاصره الناس وحكوه.
وبعد ذلك يعرض الحق لنا سبحانه قضية سيدنا عيسى عليه السلام، وهي قضية يجب أن نتنبه إليها تنبها جديدا فنعرض وجهة نظر الذين يضعونه في غير الموضع الذي أراده الله، كما نعرض وجهة نظر الذين يضعونه في الموضع الذي يريده الله، فالمسألة ليست انتصارا منا في الدنيا على فريق يقول: كذا، لأنها مسألة لها عاقبة تأتي في الآخرة ويحاسبنا عليها الحق تعالى، لذلك كان من المهم جدا أن نصفيها تصفية يتضح فيها الحق، حتى لا يظلم أحد نفسه.
لقد جاء عيسى عليه السلام على دين اليهودية، أي طرأ على دين اليهودية ونحن نعلم أن دين اليهودية قد تم تحريفه من اليهود تحريفا جعله ينحاز إلى الأمور المادية الصرفة، دون أدنى اعتبار للأمور الروحية والإيمان بالغيب، فهم ماديون، وتتمثل ماديتهم في أنهم قالوا لموسى عليه السلام ما حكاه القرآن الكريم: