للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الإلقاء كان له سابق تجربة أخرى حينما خرج مع أهله من مدين ورأى ناراً وبعد ذلك قال لأهله: {امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً ... } [طه: ١٠]

ثم سمع خطاباً: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى} [طه: ١٧ - ١٨]

وحين يقال له: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى} ، كان يكفي أن يقول في الجواب: عصاي، ولا داعي أن يقول: «هي» ولا داعي أن يشرح ويقول: إنه يتوكأ عليها وأن له فيها مآرب أخرى؛ لأن الحق لم يسأله ماذا تفعل بعصاك، إذن فجواب موسى قد جاوز في الخطاب قدر المطلوب، ويظن البعض أنه كان من الواجب أن يعطي الجواب على قدر السؤال. لكن من يقول ذلك ينسى أنه لا يوجد من يزهد في الأنس بخطاب الله. وحين قال موسى عليه السلام: {هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي ... } [طه: ١٨]

ولقد شعر موسى عليه السلام واستدرك هيبة المخاطب فكان تهافته على الخطاب حبًّا لأنسه في الله، لكنه حين شعر أنه قارب أن يتجاوز قال: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى} كان من الممكن أن يقول استعمالات كثيرة للعصا. إذن فللعصا أكثر من إلقاء، إلقاء الدربة والتمرين على لقاء فرعون حين أمره الحق: {قَالَ أَلْقِهَا ياموسى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تسعى} [طه: ١٩ - ٢٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>