قوله:{مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً}[طه: ٧٤] يعني مُجرِّماً عمل الجريمة، والجريمة أنْ تكسر قانوناً من قوانين الحق عَزَّ وَجَلَّ كما يفعل البشر في قوانينهم، فيضعون عقوبة لمَنْ يخرج عن هذه القوانين، لكن ينبغي أن تُعيِّن هذه الجريمة وتُعلَن على الناس، فإذا ما وقع أحد في الجريمة فقد أعذر من أنذر.
إذن: لا يمكن أن تعاقب إلا بجريمة، ولا توجد جريمة إلا بنص.
وقوله:{يَأْتِ} أي: هو الذي سيأتي رغم إجرامه، ورغم ما ينتظره من العذاب. لكن لماذا خاطبوه بلفظ الإجرام؟ لأنه قال:{فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل}[طه: ٧١] ولم يفعلوا أكثر من أنْ قالوا كلمة الحق، فأيُّنا إذنْ المجرم؟