للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {فَلَهُ جَزَآءً الحسنى. .} [الكهف: ٨٨] أي: نعطيه الجزاء الحسن {وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً} [الكهف: ٨٨] نقول له الكلام الطيب الذي يُشجِّعه ويحْفزه، وإنْ كلَّفناه كلَّفناه بالأمر اليسير غير الشاق.

وهذه الآية تضع لنا أساس عملية الجزاء التي هي ميزان المجتمع وسبب نهضته، فمجتمعٌ بلا جزاءات تثيب المجدّ وتعاقب المقصِّر مجتمع ينتهي إلى الفوضى والتسيُّب، فإنْ أمِنْ الناسُ العقابَ تكاسلوا، وربما ما تعانيه مصر الآن من سوء الإدارة راجع إلى ما في المجتمع من أشخاص فوق القانون لا نستطيع معاقبتهم فيتسيّب الآخرون.

وكذلك نرى المراتب والجوائز يظفر بها مَنْ لا يعمل، ويظفر بها مَنْ يتقرب ويتودد ويتملّق وينافق، ولهؤلاء أساليبهم الملتوية التي يجيدونها، أما الذي يجدّ ويعمل ويخلص فهو مُنْهك القوى مشغول بإجادة عمله وإتقانه، لا وقْتَ لديه لهذه الأساليب الملتوية، فهو يتقرب بعمله وإتقانه، وهذا الذي يستحق التكريم ويستحق الجائزة. ولك أنْ تتصوَّر مدى الفساد والتسيّب الذي تسببه هذه الصورة المقلوبة المعوجة.

إذن: فميزان المجتمع وأساس نهضته: {أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الحسنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً} [الكهف: ٨٧ - ٨٨]

فما أجمَل أنْ نرصُدَ المكافآت التشجيعية والجوائز، ونقيم حفلات التكريم للمتميزين والمثاليين، شريطةَ أنْ يقومَ ميزان الاختيار على الحق والعدل.

والحُسْنى: أفعل التفضيل المؤنث لحسن، فإذا أعطيناه الحسنى

<<  <  ج: ص:  >  >>