إن قولهم:{رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا} هو أول مرتبة للدخول على باب الله، فكأن الإيمان بالله يتطلب رعاية من الذي تلقى التكليف لحركة تفسه، لأن الإيمان له حق يقتضي ذلك، كأن المؤمن يقول: أنا ببشريتي لا أستطيع أن أوفى بحق الإيمان بك، فيارب اغفر لي ما حدث لي فيه من غفلة، أو من زلة، أو من كبر، أو من نزوة نفس.
وهذا الدعاء دليل على أنه عرف مطلوب الإيمان كما أوضحه لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في بيانه لمعنى الإحسان حين قال:«الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» .
كأن تستحضر الله في كل عمل؛ لأنه يراك.
وهل يتأتى لواحد من البشر أن يجترئ على محارم من يراه بعينه؟ حينئذ يستحضر المؤمن ما جاء إلينا من مأثور القول، فكأنه سبحانه وتعالى يوجه إلينا الحديث: يا عبادي إن كنتم تعتقدون أني لا أراكم، فالخلل في إيمانكم. وكنتم تعتقدون أني أراكم فلم جعلتموني أهون الناظرين إليكم؟
وكأن الحق سبحانه يقول للعبد: هل أنا أقل من عبيدي؟ أتقدر أن تسيء إلى أحد وهو يراك؟ إذن فكيف تجرؤ على الإساءة لخالقك؟
إن قول المؤمنين:{إِنَّنَآ آمَنَّا فاغفر لَنَا} دليل على أنهم علموا أن الإيمان مطلوباته صعبة. {الذين يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا}