هذه الآية الكريمة أيضا من آيات التذكير بنعم الله سبحانه وتعالى على موسى وعلى بني إسرائيل. . وكنا قد تعرضنا لمعنى طعام واحد عند ذكر المن والسلوى. . وقلنا أن تكرار نزول المن والسلوى كل يوم جعل الطعام لونا واحدا. . وكلمة واحد هي أول العدد. . فإذا إنضم إليه مثله يصير اثنين. . وإذا إنضم إليه مثله يصبح ثلاثة. . إذن فأصل العدد هو الواحد. . والواحد يدل على وحدة الفرد ولا يدل على وحدانية. . فإذا قلنا الله واحد فإن ذلك يعني أنه ليس كمثله أحد. . ولكنه لا يعني أنه ليس مكونا من أجزاء. . فأنت لست واحداً ولست أحداً لأنك مكون من أجزاء كما أن هناك من يشبهونك. . والشمس في مجموعتنا واحدة ولكنها ليست أحداً لأنها مكونة من أجزاء وتتفاعل. . والله سبحانه وتعالى واحد ليس كمثله شيء. . وأحد ليس مكونا من أجزاء. . ولذلك من أسمائه الحسنى الواحد الأحد. . ولا نقول أن الاسم مكرر فهذه تعني الفردية، وهذه تنفي التجزئة.
وقوله تعالى:{لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ وَاحِدٍ} . . نلاحظ هنا أن الطعام وُصف بأنه واحد رغم أنه مكون من صنفين هما المن والسلوى. . ولكنه واحد لرتابة نزوله. . الطعام كان يأتيهم من السماء. . ولكن تعنتهم مع الله جعلهم لا يصبرون عليه فقالوا ما يدرينا لعله لا يأتي. . نريد طعاما نزرعه بأيدينا ويكون طوال الوقت أمام عيوننا. . وكأن هذه المعجزات كلها ليست كافية. . لتعطيهم الثقة في استمرار رزق الله. . إنهم يريدون أن يروا. . ألم يقولوا لموسى:{أَرِنَا الله جَهْرَةً} . .