أتظنون أن الله تعالى إذا وعدكم بالموت ثم بالبعث أن هذا سيكون في الدنيا؟ لذلك تقولون: وُعِدْنا بهذا من قبل ولم يحدث، وقد مات مِنّا كثيرون ولم يعودوا ولم يُبعَثُوا، فَمَنْ قال لكم إنكم ستموتون اليوم وتُبعثون غداً؟
البعث لا يكون إلا بعد أن يموت جميع الخَلْق، ثم يُبعثوا كلهم مرة واحدة.
إذن: هذا الكلام منهم مجرد سفسطة وجدل لا معنى له.
وكلمة {وُعِدْنَا. .}[المؤمنون: ٨٣] يعني بالبعث، والوعد عادة يكون بالخير، كما أن الوعيد يكون بالشر، كما جاء في قول الشاعر:
يعني: هو رجل كريم يترك الشر الذي توعّد به، ويفعل الخير الذي وعد به، وإن قال العلماء: قد يستعمل هذا مكان هذا.
لكن، هل الوعد للكفار بالبعث وما يتبعه من عذاب وعقاب يُعَدُّ وَعْداً؟ قالوا: نعم يعد هذا الشر وهذا العذاب الذي ينتظر وَعْداً بالخير لأنه يُنبههم ويَلفتهم إلى خطورته حتى لا يقعوا فيه إذن: هو خير لهم الآن حيث يُحذِّرهم كما تحذر ولدك من الرسوب إنْ أهمل في دروسه.
ومن ذلك أيضاً في هذه المسألة ما أشرنا إليه من تكرار قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: ١٣] في سورة الرحمن، وأنها جاءت بعد ذِكْر نعم الله على سبيل التوبيخ لمَنْ أنكر هذه النعم أو كذَّب بها، وتكررت مع كل نعمة تأكيداً لهذا التوبيخ، لكن العجيب أن تذكر هذه الآية حتى بعد النقم أيضاً، كما في قوله تعالى: