إن كراهية القتال هي قضية فطرية يقولها الذي خلق الإنسان فهو سبحانه لا يعالج الأمر علاجا سوفسطائيا، بمعنى أن يقول: وماذا في القتال؟ لا، إن الخالق يقول: أعلم أن القتال مكروه. وحتى إذا ما أصابك فيه ما تكره فأنت قد علمت أن الذي شرعه يُقدر ذلك. ولو لم يقل الحق إن القتال كره: لفهم الناس أن الله يصور لهم الأمر العسير يسيرا.
إن الله عَزَّ وَجَلَّ يقول للذين آمنوا: اعلموا أنكم مقبلون على مشقات، وعلى متاعب، وعلى أن تتركوا أموالكم، وعلى أن تتركوا لذتكم وتمتعكم. ولذلك نجد كبار الساسة الذين برعوا في السياسة ونجحوا في قيادة مجتمعاتهم كانوا لا يحبون لشعوبهم أن تخوض المعارك إلا مضطرين، فإذا ما اضطروا فهم يوضحون لجندهم أنهم يدرأون بالقتال ما هو أكثر شراً من القتال، ومعنى ذلك أنهم يعبئون النفس الإنسانية حتى تواجه الموقف بجماع قواها، وبجميع ملكاتها، وكل إرادتها.
والحق سبحانه وتعالى يقول:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} إنه سبحانه يقول لنا: أعلم أن القتال كره لكم ولكن أردت أن أشيع فيكم قضية، هذه القضية هي ألا تحكموا في القضايا الكبيرة في حدود علمكم؛ لأن علمكم دائما ناقص، بل