للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد أن بين الله سبحانه وتعالى لنا أن هذا الكتاب وهو القرآن الكريم {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} . . أي أن فيه المنهج والطريق لكل من يريد أن يجعل بينه وبين غضب الله وقاية. . أراد أن يعرفنا صفات هؤلاء المتقين ومن هم. . وأول صفة هي قوله تعالى: {الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب} . .

ما هو الغيب الذي جعله الله أول مرتبة في الهدى. . وفي الوقاية من النار ومن غضب الله؟ . .

الغيب هو كل ما غاب عن مدركات الحس. فالأشياء المحسة التي نراها ونلمسها لا يختلف فيها أحد. . ولذلك يقال ليس مع العين أين. . لأن ما تراه لا تريد عليه دليلا. . ولكن الغيب لا تدركه الحواس. . إنما يدرك بغيرها. .

ومن الدلالة على دقة التعريف أنهم قالوا أن هناك خمس حواس ظاهرة هي: السمع والبصر والشم والذوق واللمس. . ولكن هناك أشياء تدرك بغير هذه الحواس. .

لنفرض أن أمامنا حقيبتين. . الشكل نفسه والحجم نفسه. هل تستطيع بحواسك الظاهرة أن تدرك أيهما أثقل من الأخرى؟ . هل تستطيع الحواس الخمس أن تقول لك أي الحقيبتين أثقل؟ . . لا. . لابد أن تحمل واحدة منهما ثم تحمل الأخرى لتعرف أيهما أثقل. .

بأي شيء أدركت هذا الثقل؟ . . بحاسة العضل. . لأن عضلاتك أُجهدت عندما حملت احدى الحقيبتين، ولم تجهد عندما حملت الثانية. . فعرفت بالدقة أيهما أثقل. . لا تقل باللمس؛ لأنك لو لمست احداهما ثم لمست الأخرى لا تعرف أيهما

<<  <  ج: ص:  >  >>