بحثوا عن سؤال آخر: ما لونها؟ كأن الله تبارك وتعالى حين حدثهم عن السن فتحوا الأبواب ليسألوا ما لونها؟ مع أنه سبحانه وتعالى قال لهم:{فافعلوا مَا تُؤْمَرونَ} . . فلم يفعلوا بل سألوا ما لونها؟ {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ} والصفرة لون من الألوان. . ثم قال جل جلاله:{فَاقِعٌ لَّوْنُهَا} . . يعني صفرة شديدة. . ثم قال:{تَسُرُّ الناظرين} . . يعني أن كل من ينظر إليها يُسر لنضارتها ونظافتها وحسن مظهرها وتناسق جسدها. .
وصف البقرة بأنها صفراء هذا لون معروف. . وفي الألوان لا يمكن أن تحدد لونا إلا برؤيته. . ولذلك فإن المحسَّات في الألوان لابد أن تسبق معرفتها وبعد ذلك تأتي باللون المطلوب. . لذلك لا يقال صفراء فقط لأنك لا تستطيع تحديده؛ لأن اللون الأصفر له درجات لا نهاية لها. . ومزج الألوان يعطيك عدداً لا نهائيا من درجاتها. . ولذلك فإن المشتغلين بدهان المنازل لا يستطيعون أن يقوموا بدهان شقة بلون إلا إذا قام بعمل مزيج اللون كله مرة واحدة. . حتى يخرج الدهان كله بدرجة واحدة من اللون. . ولكن إذا طلبت منه أن يدهن الشقة باللون نفسه. . بشرط أن يدهن حجرة واحدة كل يوم فإنه لا يستطيع. . فإذا سمعت صفراء يأتي اللون الأصفر إلى ذهنك. . فإذا سمعت «فاقع» فكل لون من الألوان له وصف يناسبه يعطينا دقة اللون المطلوب. . «فاقع» أي شديد الصفرة.
أظن أن المسألة قد أصبحت واضحة. . إنها بقرة لونها أصفر فاقع تسر الناظرين. . وكان من المفروض أن يكتفي بنو إسرائيل بذلك ولكنهم عادوا إلى السؤال مرة أخرى.