يريد الحق - تبارك وتعالى - أن يُسلِّي رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويُخفِّف عنه مَا لاقاه من قومه، فيذكر له نماذج من إخوانه أُولِي العزم من الرسل الذين اضطهدهم أقوامهم، وآذوهم ليُسهِّل على رسول الله مهمته، فلا يصده إيذاء قومه عن غايته نحو ربه.
فبدأ بموسى - عليه السلام - لأنه من أكثر الرسل الذين تعبوا في دعوتهم، فقد تعب موسى مع المؤمنين به فضلاً عن الكافرين به، فقال سبحانه:{وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى وَهَارُونَ الفرقان ... }[الأنبياء: ٤٨] لأن رسالتهما واحدة، وهم فيها شركاء:{وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً ... }[القصص: ٣٤] وقال: {اشدد بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ في أَمْرِي}[طه: ٣١ - ٣٢] .
والفرقان: هو الفارق القوي بين شيئين؛ لأن الزيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى، كما تقول: غفر الله لفلان غفراناً،