فالحق سبحانه وتعالى. . بعد أن أخبرنا أنه بظلم هؤلاء المنافقين لأنفسهم. . ذهب بنور الإيمان من قلوبهم فهم لا يبصرون آيات الله. . أراد أن يلفتنا إلى أنه ليس البصر وحده هو الذي ذهب. . ولكن كل حواسهم تعطلت. . فالسمع تعطل فهم صم. . والنطق تعطل فهم بكم. . والبصر تعطل فهم عمى. . وهذه هي آلات الإدراك في الإنسان. . واقرأ قوله تبارك وتعالى:{والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النحل: ٧٨]
إذن كونهم في ظلمات لا يبصرون معناها أنها قد تعطلت وسائل الإدراك الأخرى؛ فآذانهم صُمَّتْ فهي لا تسمع منهج الحق، وألسنتهم تعطلت عن نقل ما في قلوبهم وأبصارهم لا ترى آيات الله في الكون إذن فآلات إدراكهم لهدى الله معطلة عندهم. .
وقوله تعالى:{فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} . . أي لن تعود إليهم هذه الوسائل ليدركوا نور الله في كونه. . الإدراك غير موجود عندهم. . ولذلك فلا تطمعوا أن يرجعوا إلى منهج الإيمان أبدا. . لقد فسدت في قلوبهم العقيدة. . فلم يفرقوا بين ضر عاجل وما هو نفع آجل. . نور الهداية كان سيجعلهم يبصرون الطريق إلى الله. . حتى يسيروا على بينة ولا يتعثروا. . ولكنهم حينما جاءهم النور رفضوه وانصرفوا عنه. . فكأنهم انصرفوا عن كل ما يهديهم إلى طريق الله!! .