للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتأتي الصفة الثانية من صفات المنافقين، وهي صفة تدل على غفلتهم وحمق تفكيرهم، فإنهم يحسبون أنهم بنفاقهم يخدعون الله سبحانه وتعالى، وهل يستطيع بشر أن يخدع رب العالمين؟

إن الله عليم بكل شيء، عليم بما نخفي وما نعلن، عليم بالسر وما هو أخفى من السر، وهل يوجد ما هو أخفى من السر؟ نقول نعم، السر هو ما أسررت به لغيرك، فكأنه يعلمه اثنان، أنت ومن أسررت إليه. ولكن ما هو أخفى من السر، ما تبقيه في نفسك ولا تخبر به أحدا، أنه يظل في قلبك لا تسر به لإنسان، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِن تَجْهَرْ بالقول فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السر وَأَخْفَى} [طه: ٧]

فلا يوجد مخلوق، يستطيع أن يخدع خالقه، ولكنهم من غفلتهم، يحسبون أنهم يستطيعون خداع الله جل جلاله. وفي تصرفهم هذا لا يكون هناك سلام بينهم وبين الله. بل يكون هناك مقت وغضب.

وهم في خداعهم يحسبون أيضا أنهم يخدعون الذين آمنوا، بأنهم يقولون أمامهم غير ما يبطنون، ولكن هذا الخداع شقاء عليهم، لأنهم يعيشون في خوف مستمر، وهم دائما في قلق أو خوف من أن يكشفهم المؤمنون، أو يستمعوا إليهم في مجالسهم الخاصة، وهم يتحدثون بالكفر ويسخرون من الإيمان، ولذلك إذا تحدثوا لابد أن يتأكدوا أولا من أن أحدا من المؤمنين لا يسمعهم، ويتأكدوا ثانيا من أن أحدا من

<<  <  ج: ص:  >  >>