إنهم افتروا على الله الكذب عندما فعلوا ذلك: نسوا حظاً مما ذكروا به، وكتموا بعضاً من الكتب المنزلة إليهم، وحرفوا الآيات المنزلة إليهم، وجاءوا بأقوال من عندهم ونسبوها إلى الله. ولذلك نجد الحق سبحانه يقول عنهم:{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ الله لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}[البقرة: ٧٩] .
إن الحق يتوعدهم بالعذاب لأنهم باعوا الدين لقاء ثمن قليل في الدنيا، وادعوا على الله الكذب فنسبوا إليه ما لم ينزله، ولذلك فالويل كل الويل لهم؛ لإنهم انحطوا إلى أخس دركات الظلم وكذبوا الكذب المتعمد في كلية ملزمة وهي الإيمان بالله وبالكتب المنزلة والرسل.
والافتراء هو الكذب المتعمد بغرض نسبة شيء إلى الله لم يقله، وهم قد فعلوا ذلك، ولهذا لا يفلح الظالمون سواء ظلموا الناس بأخذ أموالهم أو الإساءة إليهم، أو ظلموا أنفسهم بالشرك بالله وهو أعظم الظلم {إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .