وعرفات ننطقها بمنطوقين: مرة نقول «عرفات» كما وردت في هذه الآية، ومرة ننطقها «عرفة» كما في قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «الحج عرفة» . وعرفات جمع، وعرفة مفرد.
هذه الكلمة أصبحت علماً على المكان الفسيح الذي يجتمع فيه الحجيج في التاسع من ذي الحجة، ولا تظن أنها جبل، فإذا سمعت:«جبل عرفات» كما يقول الناس فافهم أن المقصود هو الجبل المنسوب إلى عرفات. وليس عرفات في ذاتها، ولذلك تجد أناساً كثيرين يظنون أنهم إن لم يصعدوا الجبل المسمى بجبل الرحمة الذي عند الصخرات التي وقف عليها رسول الله في حجة الوداع فكأن الإنسان منهم لم يحج. نقول لهم: لا. الوقوف يكون في الوادي، والجبل المجاور للوادي أسميناه جبل عرفات، فالجبل هو المنسوب لعرفات وليس الوادي هو المنسوب للجبل.
وأصل كلمة عرفة وردت فيها أقوال كثيرة. وهناك فرق بين الاسم يكون وصفا ثم يصير اسماً. وبين أن يكون عَلَماً من أول الأمر. وقلنا: إنه إذا سميت العَلَم من أول الأمر فلا ضرورة أن يكون فيه معنى اللفظ؛ فقد تسمى واحداً شقياً ب «سعيد» ، وتُسمى زنجية ب «قمر» ، وهذا لا يُسمى «وصفا» وإنما يُسمى عَلََماً إلا أن الناس حين يسمون يتفاءلون بالأصل، فيقال: أُسَمِّي ابني «سعيداً» تفاؤلا بأن يكون «سعيداً» ، وعندما تكون بنتاً فقد تعطيها اسماً مخالفاً لحالها، فقد تكون دميمة وتسميها «جميلة» تفاؤلاً بالاسم. هنا يكون أخذ العلم للتفاؤل. والعرب عندما كانوا يسمون الأسماء كانوا يتفاءلون بها. مثلاً كانوا يسمون «صخراً» ليتفاءلوا به أمام الأعداء. ويسمون «كلباً» حتى لا يجرؤ عليه أحد.