والحق سبحانه وتعالى حين يتكلم عن نفسه؛ يتكلم فيما يتعلق بالفعل بصفة التعظيم والجمع. مثال ذلك قوله:{إِنَّآ أَنْزَلْنَا} . وهذه «نون الجماعة» حيث يتطلب إنزال القرآن قوى متعددة لا تتوافر إلا لمن له الملك في كل الكون. ولنضرب لذلك مثلا ولله المثل الأعلى. . إننا نجد أن رئيس الدولة أو الملك في أي بلد يصدر قراراً فيقول:«نحن فلانا أصدرنا القرار» . والملك أو الرئيس يعرف أنه ليس وحده الذي يصدر القرار، ولكن يصدره معه كل المتعاونين معه وكل العاملين تحت رئاسته، فما بالنا بالحق الأعلى سبحانه وتعالى؟ لذلك فحين يتكلم سبحانه فيما يتعلق بالذات يكون الحديث بواسطة ضمير الأفراد:{إنني أَنَا الله لا إله إلا أَنَاْ فاعبدني وَأَقِمِ الصلاة لذكري}[طه: ١٤]
ولا يأتي هنا ضمير الجمع أبداً، ولا تأتي «نون التعظيم» . ولكن في هذه الآية نجد الحق يقول:{إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق} . . ونرى «نون التعظيم» واضحة، فالقرآن كلام الله، ونزول القرآن يتطلب صفات متعاضدة. فسبحانه مرة يقول:{أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الكتاب}[العنكبوت: ٤٧]
ومرة يقول:{أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ}[العنكبوت: ٥١]
ما الغاية من الإنزال؟ الغاية من الإنزال أن يوجد على الأرض منهج يحكم حركة الحياة. والقرآن قد أنزل إلى الرسول وإلى من آمن بالرسالة. وحين يقول الحق:{أَنزَلْنَا عَلَيْكَ} فمعنى ذلك نزول التكليف. وساعة نسمع كلمة {أَنزَلْنَا} فعلينا أن