وينبهنا الحق سبحانه هنا إلى ضرورة أن نستعد لليوم الذي يجمع الله فيه الرسل يوم الحساب، أي أننا علينا أن نراعي الالتزام في تكاليف المكلف الأعلى في كل عمل من أعمال الحياة؛ لأنه سبحانه سوف يسأل الرسل في ذلك اليوم:{مَاذَآ أُجِبْتُمْ} ؟ أي كيف استجاب الناس إلى المنهج الذي دعوتم إليه؟ وفي هذا تقريع لمن خالف الرسل. ونعلم أن الحق سبحانه وتعالى قد قال:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً}[النساء: ٤١] .
ونعلم - كذلك - أن يوم المشهد الأعظم سيأتي رسولنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهيداً على أمته وعلى كل الرسل السابقين عليه، ومثال ذلك في حياتنا - ولله المثل الأعلى - نجد الأهل ينتظرون الابن على باب لجنة الامتحان ويسألونه: كيف أجبت.
إن الأهل يطلبون من الابن أن يعطيهم تقدير الموقف إجمالياً. أما إن سألوه بماذا أجبت؟ فمعنى هذا أنهم يطلبون منه أن يحكي لهم ماذا أجاب تفصيلياً عن كل سؤال. وسؤال الحق لرسله:{مَاذَآ أُجِبْتُمْ} في الظاهر هذا سؤال للرسل، وفي الحق إنه للمخالفين، وكأن هذا تقريع لمن لم يؤمنوا برسالات الرسل، ذلك أن مهمة الرسل هي البلاغ عن الله.
وبماذا يجيب الرسل يؤمئذ عن الله؟ هم يجيبون الإجابة الدقيقة المتضمنة لكل أدب الإيمان:{لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغيوب} ونجد من يتساءل: كيف - إذن - يقولون:{لاَ عِلْمَ لَنَآ} على الرغم من أن هناك من استجاب لدعوتهم ومن لم يستجب لها؟ ونقول: لأن الآخرة فيها حساب على نوايا القلوب والسرائر، لقد علم الرسل بالأمور العلنية من أقوال وسلوك، ولكن الحق يحاسب على حسب النية