الحق سبحانه وتعالى بعد أن أعلمنا أن آدم حين يهبط إلى الأرض سيتلقى من الله منهجا لحركة حياته. من اتبعه خرج من حياته الخوف والحزن. وأصبح آمنا في الدنيا والآخرة. أراد الله تعالى أن يعطينا الصورة المقابلة. فالحكم في الآية السابقة كان عن الذين اهتدوا. والحكم في هذه الآية عن الذين كفروا. يقول الحق تبارك وتعالى. . {والذين كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ} والكفر كما بينا هو محاولة ستر وجود الله واجب الوجود. ومحاولة ستر هذا الوجود هو إعلان بأن الله تعالى موجود. فأنت لا تحاول أن تستر شيئا إلا إذا كان له وجود أولا. .
إن الشيء الذي لا وجود له لا يحتاج إلى ستر؛ لأنه ليس موجودا في عقولنا. وعقولنا لا تفهم ولا تسع إلا ما هو موجود. توجد الصورة الذهنية أولا. . ثم بعد ذلك يوجد الاسم أو الصورة الكلامية. ولذلك إذا حدثك إنسان عن شيء ليس له وجود فأنت لا تفهمه. ولا تستطيع أن تعيه إلا إذا شبه لك بموجود. كأن يقال لك: مثل هذا الجبل أو مثل هذه البحيرة. أو مثل قرص الشمس أو غير ذلك حتى تستطيع أن تفهم. فأنت لا تفهم غير موجود إلا إذا شبه بموجود.
وكل شيء لابد أن يكون قد وجد أولا. ثم بعد ذلك تجتمع مجامع اللغة في العالم لتبحث عن لفظ يعبر عنه بعد أن وجد في الصورة الذهنية. فلم يكن هناك اسم للصاروخ مثلا قبل أن يوجد الصاروخ. ولا لسفينة الفضاء قبل أن تخترع. ولا لأشعة الليزر قبل أن تكتشف. إذن فكل هذا وجد أولا. ووضع له الاسم بعد ذلك.