للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد كانت المرحلة الأولى بالنسبة لإعداد مريم هي قوله الحق على لسانها: {إِنَّ الله يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} . وبذاك تعرفت على طلاقة قدرة الله، والمرحلة الثانية هي سماعها لحكاية زكريا ويحيى وتأكيد الحق لها أنه اصطفاها على نساء العالمين، وفي ذلك أمر يتعلق بالنساء، وكان ذلك إيناساً من الحق لها، وتدخل مريم إلى مرحلة جديدة.

{إِذْ قَالَتِ الملائكة يامريم إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} [آل عمران: ٤٥] .

والبشارة لا تكون إلا بخبر عظيم مفرح، وقد يتساءل البعض؟ ماذا يقصد الحق بقوله: {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} ؟ والإجابة هي: أن الحق سبحانه وتعالى يزاول سلطانه في ملكه بالكلمة، لا بالعلاج، فالحق سبحانه علمنا ذلك بقوله: {الله يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قضى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: ٤٧] .

وهذا القول هو مجرد إيضاح لنا وتقريب لأنه لا يوجد عندنا أقصر في الأمر من كلمة «كن» إن قدرته قادرة بطلاقتها أن تسبق نطقنا بالكاف وهي الحرف الأول من «كن» ، ولكن الحق يوضح لنا بأقصر أمر على طريقة البشر، إن الحق سبحانه وتعالى إذا أراد أمرا فإنه يقول له كن فيكون، وذلك إيضاح أن مجرد الإرادة الإلهية لأمر ما تجعله ينشأ على الفور، و «كن» هي مجرد إظهار الأمر للخلق، هكذا نفهم معنى بشارة الحق لمريم ب {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} ويقول الحق: {اسمه المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ} . إنها ثلاثة أسماء، «المسيح» ، «عيسى» ، «ابن مريم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>