ونعلم أن الرسل مُبشرِّين ومُنذرِين؛ ولسائل أنْ يقولَ: ولماذا تأتي صيغة الإنذار دائماً؟ وأقول: إن مَنْ يؤمن هو مَنْ يتلقَّى البشارة؛ أما مَنْ عليه أنْ يتوقَّع النِّذارة فهو الكافر المُنكِر.
وفي الإنذار تخويفٌ بشيء ينالُ منك في المستقبل؛ وعليك أنْ تَعُد العُدَّة لتبتعد بنفسك أن تكون فيه، والتبشير يكون بأمر تتمناه النَّفْس. وبالإنذار والتبشير يتضح الموقف بجلاء، ويُحَاط الإنسان بكل قضايا الحياة؛ ويتضح مسَار كُل أمرٍ من الأُمورِ.
وبذلك يكون الحق سبحانه في الآيتين السابقتين قد امتنَّ على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأنه قد آتاه السبع المثاني والقرآن العظيم؛ ولذلك يوصيه ألاَّ تطمح نفسه إلى ما أوتي بعضٌ من الكفار من جاه ومال، فالقرآن عزُّ الدنيا والآخرة.
ويوصيه كذلك بألا يحزنَ عليهم نتيجة انصرافهم عن دعوته، فليس عليه إلا البلاغ، وأن يتواضعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للمؤمنين ليزداد ارتباطهم به،