شاء الله سبحانه أن يجعل الإنسان مختارا. . ومن هنا فإن له الاختيار في أن يؤمن أو لا يؤمن. . أن ينصر الحق أو ينصر الباطل. . أن يفعل الخير أو يفعل الشر. . كل هذه اختبارات شاء الله أن يعطيها للإنسان في الدنيا بحيث يستطيع أن يفعل أو لا يفعل. . ولكن هذا لن يبقى إلى الأبد. إن هذا الاختيار موجود في الحياة الدنيا.
ولكن بشرية الإنسان تنتهي ساعة الاحتضار فعند مواجهة الموت ونهاية العمر يصبح الإنسان مقهورا وليس مختارا. . فهو لا يملك شيئا لنفسه ولا يستطيع أن يقول لن أموت الآن. . انتهت بشريته وسيطرته على نفسه حتى أعضاؤه تشهد عليه. . ففي الحياة الدنيا كل واحد يختار الوجهة التي يتجه إليها، هذا يختار الكفر وهذا يختار الإيمان. . هذا يختار الطاعة وهذا يختار المعصية، فمادام للإنسان اختيار فكل واحد له وجهة مختلفة عن الآخر. . والذي يهديه الله يتجه إلى الخيرات وكأنه يتسابق إليها. . لماذا؟ لأنه لا يعرف متى يموت ولذلك كلما تسابق إلى خير كان ذلك حسنة أضافها لرصيده.
إن المطلوب من المؤمنين في الحياة الدنيا أن يتسابقوا إلى الخيرات قبل أن يأتيهم الأجل ولا يحسب واحد منهم أنه سيفلت من الله. . لأنه كما يقول عَزَّ وَجَلَّ:{أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً} . . أي أنه ليس هناك مكان تستطيعون أن تختفوا فيه عن علم الله تبارك وتعالى بل هو يعرف أماكنكم جميعا واحدا واحدا وسيأتي بكم جميعا مصداقا لقوله تعالى:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجبال وَتَرَى الأرض بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً}[الكهف: ٤٧]