وهذا أمر من الله عَزَّ وَجَلَّ بالقتال، والقتال مفاعلة تحدث بين اثنين أو أكثر، أي اشتباك بين مقاتل ومقاتل. ولذلك عندما تسمع كلمة «قتال» يتبادر إلى ذهنك وجود طرفين اثنين وليس طرفاً واحدا، أو بين فريق وفريق آخر.
وعندما يقول الحق سبحانه وتعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ} نفهم أن هذا أمر للمؤمنين ليقاتلوا الكفار، ولا بد أن يكون الكفار قد فعلوا شيئا يستحق أن يقُاتلوا عليه، أو أنهم يبيتون للمؤمنين القتال وعلى المؤمنين أن يواجهوهم ويقاتلوهم. ولم يقل الله سبحانه وتعالى: اقتلوهم بل قال: «قاتلوهم» ؛ أي مواجهة فيها مفاعلة القتال. والتفاعل معناه أن الحدث لا يأتي من طرف واحد بل لا بد من مقابل معه. فأنت تقول:«قابلت» أي أنك قابلت شخصاً، وهو قابلك أيضاً، وهذه مفاعلة. أو تقول:«شاركت» أي أنك اشتركت أنت وآخر في عمل ما. وهنا قال الحق سبحانه وتعالى:
{وَقَاتِلُوهُمْ حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}[الأنفال: ٣٩] .
ومعنى ذلك أن هناك قتالاً يؤدي للقتال. وجاء القتال ليحسم الأمر؛ لأن ترك هؤلاء الكفار يعتدون على المسلمين، ويأخذون أموالهم بالباطل، فيرى الناس المؤمنين أذلة مستضعفين، والكفار عالين أقوياء فتحدث فتنة في الدين، أي يفتن الناس في دينهم وهم يرون الذل دون أي محاولة أو تحرك لدفعه.