للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل للغضب سكوت؟ هل للغضب مشاعر حتى يسكت؟ نعم؛ لأن الغضب هيجان النفس لتعمل عملاً نزوعيًّا أمام من أذنب، فكأن الغضب يلح عليه، ويقول للغاضب: اضرب، اشتم، اقتل. كأن الغضب قد مُثِّل وصُوِّر في صورة شخص له قدرة إصدار الأوامر، فشبَّه الله الغضب بصورة إنسان يلح على موسى في أن يفعل كذا، ويفعل كذا، فلما قال الله ذلك كأن الغضب قد سكت عنه.

أو هو كما قال إخواننا العلماء: من القلب في اللغة، أي أنه يقلب المسألة، اتكالاً على أن فطنة السامع سترد كل شيء إلى أصله؛ كما نسمع في اللغة: خرق الثوبُ المسمارَ، نفهم من هذا القول أن المسمار هو الذي قام بخرق الثوب؛ لأننا لن نتخيل أنّ الثوب يخرق مسماراً. ويسمى ذلك «القلب» أي أن يأتي بمسألة مقلوبة تفهمها فطنة السامع. أو أن المسمار مستقر في مكانه، والثوب هو الذي طرأ عليه فانخرق، فيكون سبب الخرق من الثوب، فكأن الفاعلية الحقيقية من الثوب: {وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الغضب} .

أو تكون كلمة (سكت) كناية عن أن الغضب زال وانتهى. {وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الغضب أَخَذَ الألواح وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف: ١٥٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>