وهذا القول يوضح لنا أن الحق سبحانه وتعالى قد علم عِلْماً أزليّاً بأنهم لن يُوجِّهوا اختيارهم للإيمان.
فحكمه هنا لا ينفي عنهم مسئولية الاختيار، ولكنه علم الله الأزلي بما سوف يفعلون، ثم جاءوا إلى الاختيار فتحقق علم الله سبحانه وتعالى بهم من سلوكهم.
وحُكمْه سبحانه مبنيٌّ على الاختيار، وهو حكم تقديري.
ومثال ذلك ولله المثل الأعلى حين يأتي وزير الزراعة، ويعلن أننا قدَّرنا محصول القطن هذا العام، بحساب مساحة الأراضي المنزرعة قطناً، وبالمتوسط المتوقع لكل فدان، وقد يصيب الحكم، وقد يخيب نتيجة العوامل والظروف الأخرى المحيطة بزراعة القطن، فمن المحتمل أن يُصاب القطن بآفة من الآفات، مثل: دودة اللوزة، أو دودة الورقة.
إذن: ففي المجال البشري قد يصيب التقدير وقد يخطىء؛ لأن الإنسان يُقدِّر بغير علم مُطْلق، بل بعلم نسبي.
أما تقدير الحق سبحانه فهو تقدير أزلي، وحين يُقدّر الحق سبحانه فلا بد من وقوع ما قدَّره.