ولماذا لم يَقُل الحق: لقد همَّتْ به ولم يهم بها؛ حتى نخرج من تلك القضية الصعبة؟
ونقول: لو قال الحق ذلك لما أعطانا هذا القولُ اللقطةَ المطلوبة؛ لأن امرأة العزيز هَمَّتْ به لأن عندها نوازع العمل؛ وإنْ لم يَقُلْ لنا أنه قد هَمَّ بها لظننا أنه عِنِّين أو خَصَاه موقف أنها سيدته فخارتْ قواه.
إذن: لو قال الحق سبحانه: إنه لم يَهِمّ بها؛ لكان المانع من الهَمِّ إما أمر طبيعي فيه، أو أمر طاريء لأنها سيدته فقد يمنعه الحياء عن الهَمِّ بها.
ولكن الحق سبحانه يريد أن يوضح لنا أن يوسف كان طبيعياً وهو قد بلغ أشُدَّه ونُضْجه؛ ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها.
وهكذا لم يَقُمْ يوسف عليه السلام بما يتطلبه ذلك لنقص فيه؛ ولا لأن الموقف كان مفاجأة ضَيَّعَتْ رجولته بغتة؛ مثل ما يحدث لبعض الشباب في ليلة الزفاف، حين لا يستطيع أن يَقربَ عروسه؛ وتمر أيام إلى أن يستعيد توازنه. ويقرب عروسه.
إذن: لو أن القرآن يريد عدم الهَمِّ على الإطلاق؛ ومن غير شيء، لَقَال: ولقد هَمَّتْ به ولم يَهِم بها.