إننا نجد من يقول:{ربي أَكْرَمَنِ} . ومَن يقول:{ربي أَهَانَنِ} والحق يوضح: أنتما كاذبان. فليست النعمة دليل الإِكرام، ولا سلب النعمة دليل الإِهانة. ولكن الإِكرام ينشأ حين تستقبل النعمة بشكر، وتستقبل النقمة بصبر. إذن مجيء النعمة في ذاتها ليس إلا اختبارا. وكذلك إن قَدَر الله عليك رزقك وضيقه عليك، فهذا ليس للإِهانة ولكنه للاختبار أيضاً.
ويوضح الحق جل وعلا:{كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم وَلاَ تَحَآضُّونَ على طَعَامِ المسكين وَتَأْكُلُونَ التراث أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ المال حُبّاً جَمّاً}[الفجر: ١٧ - ٢٠]
أنتم لا تطعمون في مالكم يتيماً ولا تحضون على طعام مسكين. فكيف يكون المال نعمة؟ إنه نقمة عليكم. وهنا يقول الحق:{وَبَلَوْنَاهُمْ بالحسنات والسيئات لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} . ولله المثل الأعلى، نقول: إن فلاناً أتعبني، لقد قلبته على الجنبين، لا الشدة نفعت فيه، ولا اللين نفع فيه، ولا سخائي عليه نفع فيه، ولا ضنى عليه نفع فيه، وقد اختبر الله بني إسرائيل فلم يعودوا إلى الطاعة مما يدل على أن هذا طبع تأصل فيهم.
ويقول الحق بعد ذلك:{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ... }