للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقول العميد: ولكني أريد أن تعقد امتحاناً؛ ليكون حجة على غير المتفوقين؛ وهذا هو علم الواقع العملي الذي أراده الحق عَزَّ وَجَلَّ من الابتلاء، وسبحانه وتعالى يعلم كل شيء أزلا، ولكن العلم الواقعي هو حجة على المخالفين.

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ} [التوبة: ١٦] .

أي بدون ابتلاء أو تمحيص. وقوله تعالى:

{وَلَمَّا يَعْلَمِ الله} [التوبة: ١٦] .

«ولمَّا» للنفي، ومثلها مثل قولنا: «لما يأت» أي: أنه لم يتحقق المجيء حتى الآن، وتختلف «لما» عن «لم» ، ف «لم» لا تؤذن بتوقع ثبوت ما بعدها، فما يأتي بعدها لن يتحقق أبدا، أما «لما» فتؤذن بتوقع ثبوت ما بعدها، أي أن ما بعدها. . لم يتحقق إلى لحظة نطقها، ولكنه قد يتحقق بعد ذلك. فإن قلت: «لما يثمر بستاننا» أي: أن البستان الذي تملكه لم يثمر، ولكنه قد يثمر بعد ذلك. وسبحانه وتعالى يقول: {قَالَتِ الأعراب آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤] .

ومعنى القول الكريم: أن الإيمان لم يدخل في قلوبهم إلى الآن، ولكنه سوف يدخل بعد ذلك، وهذه بشارة لهم. فقد قالت الأعراب: «آمنا» فأوضح الحق سبحانه وتعالى: بل أسلمتم ولم يدخل الإيمان قلوبكم؛ لأن الإيمان هو الاعتقاد القلبي الجازم، والإسلام انقياد لما يتطلبه إيمان القلب من سلوك، أي: أنتم قد سلكتم سلوك الإسلام، ولكنه سلوك سطحي لم يأت من ينابيع القلب. وقول الحق هنا:

{وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ} [التوبة: ١٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>