على أنك لم تنجح في العام السابق وأن الله أراد بك خيراً. . لتبذل جهداً وتنجح وتنال المجموع الذي أردته لنفسك.
إذن فالمقادير التي تجري على الناس بدون دخل لهم فيها، فلله فيها حكمة، وهنا يقال:{طَائِرُهُمْ عِندَ الله} ، أما إن كان للإِِنسان دخل فيما يجري له فيقال: طائرك من عندك أنت وشؤمك من نفسك وعصيانك. {فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الحسنة قَالُواْ لَنَا هذه وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ ألا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ الله ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}[الأعراف: ١٣١]
ألم يتطير اليهود في المدينة برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما قالوا: قلت الأمطار وارتفعت الأسعار من شؤم مجيء هذا الرجل، ولم يتفهموا حكم الله. لقد كانوا سادة في الجزيرة؛ لأنهم أهل علم بالكتاب وسيطروا على حركة السوق التجارية، وتعاملوا في الربا وتجارة السلاح وكان عندهم الحصون، والأسلحة، وأراد الله أن يشغلهم بأخذ شيء من أسبابهم ويهد كيانهم ليلفتهم إلى أنهم خرجوا عن المنهج إلى أن هناك رسولاً قد جاء بعودة إلى المنهج.
وقوله الحق:{ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} يفيد أن هناك قلة تعلم. فما موقف هذه القلة، ولماذا لم يرفضوا موقف الكثرة؟ . كان موقفهم هو الصمت خوفاً من الطغيان؛ لأن الطاغية أجبرهم وقهرهم وجعلهم يسكتون ولا يعترضون على باطل، ونرى في حياتنا كثيراً من الناس يعلمون الزور ويعلمون الطغيان ولكنهم لا يتكلمون.
ويقول الحق بعد ذلك:{وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ ... }