أشياء سببية، فإن فعلت السبب يأت لك المسبب، والله قد جعل الأسباب للمؤمن والكافر. وعندما يُمَلِّك الله بعض الخلق أسباب الخلق فهو القيوم فوق الجميع، لكن في الآخرة، فلا أسباب ولا مسببات؛ ولذلك يكون الأمر له وحده، اقرأوا جيدا:{لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار}[غافر: ١٦]
إنّ في الدنيا أناسا - بإرادة الله - تملك أسبابا، وتملك عبيدا، وتملك سلطانا؛ لأن الدنيا هي دنيا الأسباب. أما في الآخرة فلا مجال لذلك. لقد بدأت الدنيا بأسبابها مِنَّة منه، ورجعت مِنْهُ إليه {لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} ومن يعتز بالسببية نقول له: كن أسير السببية لو كنت تستطيع. ومن يعتز بالقوة لأنها - ظاهرا - سبب للحركة، نقول له: احتفظ بقوتك إن كنت قادرا. ومن يعتز بالملك نقول له: لتحتفظ بالملك لو كنت تستطيع. ولا أحد بقادر على أَنْ يحتفظ بأي شيء، فكل شيء مرده إلى الله، وإن كان في ظاهر الأمر أن بعض الأشياء لك الآن، وفي الآخرة لله يكون كل أمر، ويرجع إليه كل شيء، لقد بدأت به، ورجعت إليه. ويقول الحق بعد ذلك:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بالمعروف وَتَنْهَوْنَ عَنِ المنكر ... }