لقد أراد الله تعالى أن يأتي الخطاب ليعم كل متكلم يقال له هذا الكلام من أي مؤمن، فكأنه قد عمم الخطاب ليقطع المعاذير. ومثل ذلك مثل قول الحق تبارك وتعالى:{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ}[الأحقاف: ١١] .
وإذا أخذنا ذات المقياس لكان الكلام يقتضي أن يقال: لو كان خيراً ما سبقتمونا إليه، ولأن هذه العبارة قيلت من أكثر من كافر في أماكن متعددة للمؤمنين، وأراد الله سبحانه وتعالى: أن يلفتنا لذلك، فعمم الخطاب حتى يشمل جميع الحالات ولا ينطبق على حالة واحدة فقط، بل ينطبق على كل حالة مماثلة؛ لذلك قال سبحانه:
وهذا يدلنا على أنهم إن انتهوا عن مقاومة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وعنادهم معه فهو سبحانه وتعالى يغفر لهم، لأن العناد والمقاومة ناشئان عن الكفر، فإن انتهوا عنهما، صاروا مؤمنين. والإسلام يَجُبُّ ما قبله.
ولذلك عندما أعلن محارب عن إيمانه واعتنق الإسلام وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم دخل المعركة فاستشهد صار شهيدا؛ لأنه قد غُفر له بشهادة الإسلام كل ذنوبه التي حدثت منه أثناء الكفر، وهي الذنوب التي تتعلق بحقوق الله تعالى، أما ما يتعلق بحقوق الناس، فعلى ورثته أن يؤدوها عنه.