للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا دليل العزة بالحق، وعلامتها أنها ساعة تغلب تكون في منتهى الانكسار، ولنا القدوة في سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وهو الذي خرج من مكة لأنه لم يستطع أن يحمي الضعفاء من المؤمنين، وبعد ذلك يعود إلى مكة فاتحاً بنصر الله، ويدخل مكة ورأسه ينحني من التواضع لله حتى يكاد أن يمس قربوس سرج دابته، تلك هي القوة، وهي على عكس العزة بالإثم التي إن غلبت تطغى، إنما العزة بالإثم التي إن غلبت تطغى، إنما العزة بالحق إن غلبت تتواضع.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله أَخَذَتْهُ العزة بالإثم} أي أن الأنفة والكبرياء مقرونة بالإثم، والإثم هو المخالف للمأمور به من الحق سبحانه وتعالى، {فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المهاد} . أي عزة هذه التي تقود في النهاية إلى النار؟ إنها ليست عزة، ولكنها ذلة، فلا خير في عمل بعده النار، ولا شر في عمل بعده الجنة. فإن أردت أن تكون عزيزاً فتأمل عاقبتك وإلى أين ستذهب؟

{فَحَسْبُهُ} أي يكفيه هذا فضيحة لعزته بالإثم، وأما كلمة «مهاد» فمعناها شيء ممهد ومُوطأ، أي مريح في الجلوس والسير والإقامة. ولذلك يسمون فراش الطفل المهد. وهل المهاد بهذه الصورة يناسب العذاب؟ نعم يناسبه تماماً؛ لأن الذي يجلس في المهاد لا إرادة له في أن يخرج منه، كالطفل فلا قوة له في أن يغادر فراشه. إذن فهو قد فقد إرادته وسيطرته على أبعاضه. فإن كان المهاد بهذه الصورة في النار فهو بئس المهاد. هذا لون من الناس وفي المقابل يعطينا سبحانه لوناً آخر من الناس فيقول سبحانه: {وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابتغآء مَرْضَاتِ الله ... }

<<  <  ج: ص:  >  >>