للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في بلاغهم عن الله بأنهم أهل باطل وكذب.

والحق سبحانه يحتجّ على الناس في أنه لم يُجبهم إلى الآيات التي اقترحوها؛ لأن السوابق مع الأمم التي كذَّبت الرسل تؤيد ذلك، فقد كانوا يطلبون الآيات، فيجيبهم الله إلى ما طلبوا، فما يزدادون إلا تكذيباً.

لذلك يقول سبحانه: {وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون ... } [الإسراء: ٥٩] .

فالأمر لا يتعدى كونهم يريدون إطالة الإجراءات وامتداد الوقت في جدل لا يجدي، ثم إن في إجابتهم إلى ما طلبوا رغم تكذيبهم بالآيات السابقة احتراماً لعدم إيمانهم، ودليلاً على أن الآيات السابقة كانت غير كافية، بدليل أنه جاءهم بآية أخرى، إذن: فعدم مجيء الآيات يعني أن الآيات السابقة كانت كافية للإيمان لكنهم لم يؤمنوا؛ لذلك لن نجيبهم في طلب آيات أخرى جديدة.

وهذه القضية واضحة في جدل إبراهيم - عليه السلام - مع النمروذ في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ الله الملك إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ ... } [البقرة: ٢٥٨] .

وعندها شعر إبراهيم عليه السلام بأن خَصْمه يميل إلى الجدل والسفسطة، وأنه يريد إطالة مد الجدل، ويريد تضييع الوقت في أخذ وردٍّ؛ لذلك أضرب عن هذه الحجة - مع أن خَصْمه لا يميت ولا يحيى على الحقيقة - وألجأه إلى حجة أخرى لا يستطيع منها فكاكاً، ولا يجد معها سبيلاً للمراوغة فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>