الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: وبعد.
فإن الله سبحانه وتعالى جعل محمداً شاهداً على الناس أجمعين، وجعل سلوكه أعظم سلوك، وتصرفاته أهدى تصرف، فكانت بذلك مثلاً يحتذى، وميزاناً صادقاً للبشرية في أعمالها وتصرفاتها، وقد كان هذا الهدي واضحاً لدى الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فكانوا يترسمونه، ويسيرون على هداه، ويتحرونه في كل أمورهم صغيرها وكبيرها.
ولما خبا ضوء السيرة النبوية في حياة الناس، وبخاصة من لهم رأي وتوجيه، وتعليم وتربية، تبع ذلك خلل في سلوك الناشئة التي تتلقى عنهم، فتلفت المربون، وبادر الموجهون إلى البحث عن مواطن الخلل في هذه السلوكيات، أهذا الخلل في المادة العلمية، أم في طريقتها؟ أهو في المعلم، أم في المتلقِّي؟
وفي ميدان البحث يتذكر الراشدون أنه لن يصلح هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وخير زاد، وأعظم هدي، يستضاء به ويسترشد بخطواته عملياً، هو الهدي المحمدي، في سيرة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، أعظم معلم، وأهدى مُرَبًّ.
وفي هذا البحث الذي اخترته بعد تفكير وتأمل حرصت فيه على إبراز أهمية دراسة السيرة النبوية للمعلمين من خلال التركيز على المسائل التالية:
المسألة الأولى: اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعليم.
المسألة الثانية: موضوعات التعليم في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
المسألة الثالثة: أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في التعليم.