للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكنها تدل على اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالجانب الأمني لنجاح واستمرار الدعوة الإسلامية، والحق أن كل هذه المعاهدات تهدف إلى أن يأمن تلك القبائل المجاورة للمدينة ليتفرغ صلى الله عليه وسلم لقريش واليهود الذين نقضوا العهود والمواثيق التي كانت بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم تدريجيّاً، والمهم أنه صلى الله عليه وسلم استطاع أن يحل مشكلة القبائل المجاورة التي لا شك أنّها كانت له صلى الله عليه وسلم هاجساً له شأنه.

ثم سارع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حل المشكلة الثانية التي تمثل عائقاً كبيراً في قيام الدولة الإسلامية، وهي مشكلة القبائل اليهودية التي كانت تسكن المدينة إبان هجرته صلى الله عليه وسلم وقد كانت تتبوأ مركزاً مرموقاً في المدينة بسبب ما كانوا عليه من كثرة العدد، وسعة الثروة، والمهارة الزراعية والصناعية والتجارية، ثم بسبب ما كان لهم من مكانة دينية وعلمية مستمدة من كونهم أصحاب كتاب سماوي، وكونهم ذوي صلة بالأنبياء والأمم الغابرة (١) .

ولعلم النبي صلى الله عليه وسلم السابق بغدر يهود وخبثهم ومكرهم، سارع صلى الله عليه وسلم إلى إيجاد طريقة وحلّ أمثل تجعل من الطرفين المسلمين واليهود يعيشان في أمن وسلام، هذا الحل تمثل في المعاهدة أو [الوثيقة] (٢) التي كتبها صلى الله عليه وسلم بين المسلمين من جهة وبين اليهود من جهة أخرى.


(١) انظر: سيرة الرسول (صورة مقتبسة من القرآن الكريم، محمد عزة دروزة (٢/١٢٢) .
(٢) انظر في صحة هذه الوثيقة من عدمها: السيرة النبوية الصحيحة، لأكرم ضياء العمري (١/٢٧٢-٢٧٥) ، وصحيفة المدينة دراسة حديثية، تحقيق، هارون رشيد محمد إسحاق، وهي رسالة ماجستير من جامعة الملك سعود، بإشراف الدكتور: مصطفى الأعظمي، وبيان الحقيقة في الحكم على الوثيقة- وثيقة المدينة، لضيدان اليامي، وهي رسالة صغيرة لطيفة قيمة على صغر حجمها، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية من ص (٣٠٦-٣١٣) لمهدي رزق الله أحمد.

<<  <   >  >>