وأيضاً فقد كان جبريل يدارس الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن في كل شهر رمضان مرة، وفي العام الذي قبض فيه دارسه القرآن مرتين.
وتحقق حفظ القرآن لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بتلقّيهم القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فشيئاً خلال مدّة ثلاث وعشرين سنة، وهي مدّة البعثة كما قال الله عزّ وجلّ {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً}[الإسراء:١٠٦] ، فتمكّنوا من حفظه وتدبّره والتفقّه فيه.
وتحقّق حفظ القرآن لخلفائه الراشدين، فقد قام خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبو بكر رضي الله عنه بجمعه في صُحُفٍ، ثم قام الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه بجمعه في مصحف توارثه المسلمون على مختلف العصو، وتلقّاه بعضهم عن بعض.
وتحقّق حفظ القرآن للمسلمين على مختلف عصورهم وأزمانهم بتوفيق الله الألوف المؤلّفة منهم للقيام بحفظه في صدورهم، فلو زاد أحد في القرآن حرفاً أو نقص حرفا لتنبّه لذلك الألوف من الحفّاظ، فبيّنوه وأظهروا خِزيَ من فعله. وأذكر أن الجامعة الإسلامية بالمدينة بعثت قبل ربع قرن من الآن (١٤٢٣هـ) بعض طلبتها الحافظين لكتاب الله إلى بعض البلاد الأوروبية في شهر رمضان ليصلوا صلاة التراويح ببعض الجمعيات هناك، ومن بينهم طالب وصل إلى مطار إحدى المدن ولم تكن معه الورقة الصحية، فأبقوه في محجر مدّة ثلاثة أيام، فوجد فيه مصحفاً حصل فيه تحريف، وكان حافظا لكتاب الله فقرأ المصحف وصحّح ما فيه من تحريف وتركه في مكانه.
وتحقّق حفظ القرآن بعد ظهور آلات الطباعة، بطباعة القرآن الكريم بأحجام مختلفة وبملايين النسخ، مما حصل به وصول القرآن لكل من أراده في كلّ