لصالحها ليكون موافقا لها، وتلك مشكلة كبرى عاشها السلف دفاعا عن قداسة النص القرآني في مواجهة تقديس البعض للفلسفة اليونانية، وتنزيهها عن الخطأ.
ولقد استغل العلمانيون المعاصرون هذه القضية, وأشاعوا أن السلف أعداء للعقل ورافضون لأحكامه ويحاربون من يأخذ به, وانطلقوا من هذا القول إلى ما هو أخطر حيث قالوا بأن القرآن يناقض العقل, ولم يستطع هؤلاء المخالفون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث, ويفرقوا بين الموقفين:
الموقف الأول: أن السلف يرفضون مذهب الفلاسفة في العقل, وأن معنى العقل عند الفلاسفة معنى اصطلاحي خاص بهم وحدهم، وليس هو بديلا عن المعنى اللغوي العام, ولا هو ملزم لغير الفلاسفة أن يأخذوا به، ولا هو بديل عن معنى الكلمة في لغة العرب التي نزل بها القرآن.
الموقف الثاني: أن رفض السلف لمفهوم العقل عند الفلاسفة لا يعني أبدًا أن السلف يرفضون العقل أو يردون أحكامه.
وتحري الحق في مثل هذه المسائل الدقيقة ليس في طباع الكثيرين من الناس خاصة إذا كانوا أصحاب هوى, كأن ينتصروا لمذهب معين أو يشنعوا على آخرين بما ليس فيهم؛ لإظهارهم أمام الناس في مظهر سيئ. وهذا كثير وواقع في كل عصر، خاصة وأن