للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَمَالِي إن أَطَْتُكَ مِنْ حَيَاةٍ ... وَمَالِي غَيْرَ هَذَا الرَّاسِ رَاسُ

فألف راس مخففة من الهمزة. وهي ردف مع ألف المراس. وإذا كانت الأحرف الضعيفة ثابتة في موضع، فلا بأس أن يجئ في مكانها ما هو أقوى منها.

ومثل ذلك قول طرفة:

لِخَوْلَةَ أَطْلاَلٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ

فالياء في نهمد مجتلبة للترنم. وقال في القصيدة:

سَتَعْلَمُ إنْ مِتْنَا غَداً أَيَّنَا الصَّدِي

فالياء في الصدي أصلية، وهي وصل لا يجوز غير ذلك. وكذلك الهاء التي للإضمار تكون وصلاً، ثم يجئ معها الهاء الأصلية. إلى ها هنا كلام أبي العلاء.

وقد تشارك الياء التي للترنم الياء التي للنفس كقول امرئ القيس:

...... حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مَحْمَلِي

وكقوله:

وَقَدْ يُدْرِكُ المَجْدَ المَوَثَّلَ أَمْثَالِي

وأما الهاء المضمومة فكقوله:

وَبَلَدٍ عَامِيَةٍ أَعَّمَاؤُهُ

والهاء المفتوحة كقوله:

وَفِتْيانِ صِدْقٍ لَسْتَ مُطْلِعَ بَعْضِهِمعَلَى سِرِّ بَعْضٍ، غَيْرَ أَنِّي جُماعُهَا

وأما المكسورة فكقول بعض نساء العرب:

يا رَبِّ مَنْ عَادَى أُبِي فَعَادِهِ ... وَارْمِ بِسَهْمَينِ عَلَى فُؤَادِهِ

وَاجْعَلْ حِمامَ نَفْسِهِ فِي زَادِهِ

وأما الهاء الساكنة فقوله:

لمَّا أَتَاهُ خَاطِباً فِي أرْبَعَةَ ... أوْ أبَه وَسَبَّ مَنْ جَاءَ مَعَهُ

أو أبَه: من الإبة؛ وهي الحياء.

وكقوله:

وَلا تَخْذُلِ المَوْلَى إذا ما مُلِمَّة ... ألَمَّتْ وَنازِلْ فِي الوَغَى مَنْ يُنازِلُهْ

وقد تشترك الهاء الأصلية وهاء الضمير في الوصل بشرط لزوم ما قبلها؛ كقول امرأة تهجو ضرتها:

ضُرَيْرَةٌ أُوْلِعْتُ بِاشْتِهَارِها ... يُطْرِقُ كَلْبُ الحَيِّ مِنْ حِذَارِهَا

فاصِلَةُ الحَقْوَيْنِ مِنْ إِزَارِها ... أُعْطِيتُ فيها طائِعاً أو كارهاً

حَدِيقَةً غَلْبَاء فِي جِدَارِها ... وَفَرَساً أُنْثى وَعَبْداً فَارِها

ويروى ضورية أولعت منسوبة إلى ضورة من عنزة. هذا قول أبي العلاء.

وقال النامي: ضورة موضع.

ومما جاءت فيه الهاء الأصلية وصلاً قوله:

أَبْلِغْ أبا عَمْرٍ وَأجْنِحَةُ الخُطُوبِ لَهَا تَشَابُهْ

إنّي أَنَا اللَّيْثُ الذِي يُخْشَى مَخَالِبُهُ وَنَابُهْ

[الخروج]

والخروج حرف متولد من هاء الصلة المتحركة، فإن كانت حركتها ضمة كان الخروج واوا، وإن كانت فتحة كان الخروج ألفا؛ وإن كانت كسرة كان الخروج ياء.

والخروج لازم لا يجوز تغييره؛ فيجب تسليمه في جميع القصيدة على ما ابتداه في البيت الأول؛ كما قال لبيد:

عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا ... بِمِنىً تَأبَّدَ غُولُها فَرِجَامُهَا

فسلمها على الفتحة إلى آخرها. ولا تعلم أنه ورد غير ذلك فإن استعمل فهو أقبح من الإقواء.

[الحركات اللازمة]

وهي ست:

الرس،

والإشباع،

والمجرى،

والحذو؛

والتوجيه، والنفاذ.

[الرس]

فالرس حركة ما قبل ألف التأسيس، مثل حركة الصاد في قوله:

لَعَمْرُكَ مَا تَدْرِي الطَّوَارِقُ بِالحَصَىوَلاَ زَاجِرَاتُ الطَّيْرِ ما اللهُ صَانِعُ

فحركة الصاد رس، والألف تأسيس، والنون دخيل، والعين روي، والواو وصل، وكأن الرس: القلة والخفاء، ومنه رسيس الهوى أي بقيته. فكأن حركة ما قبل الألف حس خفي. ومنه قول علقمة ابن عبدة:

رَسٌّ كَرَسِّ أَخِي الحُميَّ إذا غَبَرَتْ ... يَوْماً تَأَوَّبَهُ مِنْهَا عَقَابِلُ

وكان أبو عمر الجرمي لا يعتد بهذه الحركة في اللوازم، لأن ما قبل الألف لا بد أن يكون مفتوحاً.

والأمر على ما ذكر، إلا أنه يلزمه في الدخيل ألا يعتد بالحركة، لأنه لا يكون إلا متحركاً بإحدى ثلاث الحركات، فإن قيل: الحركات تختلف، قيل فنلزم أن نفرد لكل حركة من حركات الدخيل اسماً إذا انفردت بالقصيدة.

ويلزمه أيضاً ألا يعتد بالجهل فيما ردفة بالألف، لأنه لا يكون قبلها إلا فتحة.

الإشباع

<<  <   >  >>